أيا
إيا من علامات المضمر تقول إياك وإياه وإياك أن تفعل ذلك وهياك الهاء على البدل مثل أراق وهراق وأنشد الأخفش فهياك والأمر الذي إن توسعت موارده ضاقت عليك مصادره وفي المحكم ضاقت عليك المصادر وقال آخر يا خال هلا قلت إذ أعطيتني هياك هياك وحنواء العنق وتقول إياك وأن تفعل كذا ولا تقل إياك أن تفعل بلا واو قال ابن بري الممتنع عند النحويين إياك الأسد ولا بد فيه من الواو فأما إياك أن تفعل فجائز على أن تجعله مفعولا من أجله أي مخافة أن تفعل الجوهري إيا اسم مبهم ويتصل به جميع المضمرات المتصلة التي للنصب تقول إياك وإياي وإياه وإيانا وجعلت الكاف والهاء والياء والنون بيانا عن المقصود ليعلم المخاطب من الغائب ولا موضع لها من الإعراب فهي كالكاف في ذلك وأرأيتك وكالألف والنون التي في أنت فتكون إيا الاسم وما بعدها للخطاب وقد صار كالشيء الواحد لأن الأسماء المبهمة وسائر المكنيات لا تضاف لأنها معارف وقال بعض النحويين إن إيا مضاف إلى ما بعده واستدل على ذلك بقولهم إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب فأضافوها إلى الشواب وخفضوها وقال ابن كيسان الكاف والهاء والياء والنون هي الأسماء وإيا عماد لها لأنها لا تقوم بأنفسها كالكاف والهاء والياء في التأخير في يضربك ويضربه ويضربني فلما قدمت الكاف والهاء والياء عمدت بإيا فصار كله كالشيء الواحد ولك أن تقول ضربت إياي لأنه يصح أن تقول ضربتني ولا يجوز أن تقول ضربت إياك لأنك إنما تحتاج إلى إياك إذا لم يمكنك اللفظ بالكاف فإذا وصلت إلى الكاف تركتها قال ابن بري عند قول الجوهري ولك أن تقول ضربت إياي لأنه يصح أن تقول ضربتني ولا يجوز أن تقول ضربت إياك قال صوابه أن يقول ضربت إياي لأنه لا يجوز أن تقول ضربتني ويجوز أن تقول ضربتك إياك لأن الكاف اعتمد بها على الفعل فإذا أعدتها احتجت إلى إيا وأما قول ذي الإصبع العدواني كأنا يوم قرى إن نما نقتل إيانا قتلنا منهم كل فتى أبيض حسانا فإنه إنما فصلها من الفعل لأن العرب لا توقع فعل الفاعل على نفسه بإيصال الكناية لا تقول قتلتني إنما تقول قتلت نفسي كما تقول ظلمت نفسي فاغفر لي ولم تقل ظلمتني فأجرى إيانا مجرى أنفسنا وقد تكون للتحذير تقول إياك والأسد وهو بدل من فعل كأنك قلت باعد قال ابن حرى وروينا عن قطرب أن بعضهم يقول أياك بفتح الهمزة ثم يبدل الهاء منها مفتوحة أيضا فيقول هياك واختلف النحويون في إياك فذهب الخليل إلى أن إيا اسم مضمر مضاف إلى الكاف وحكي عن المازني مثل قول الخليل قال أبو علي وحكى أبو بكر عن أبي العباس عن أبي الحسن الأخفش وأبو إسحق عن أبي العباس عن منسوب إلى الأخفش أنه اسم مفرد مضمر يتغير آخره كما يتغير آخر المضمرات لاختلاف أعداد المضمرين وأن الكاف في إياك كالتي في ذلك في أنه دلالة على الخطاب فقط مجردة من كونها علامة الضمير ولا يجيز الأخفش فيما حكي عنه إياك وإيا زيد وإياي وإيا الباطل قال سيبويه حدثني من لا أتهم عن الخليل أنه سمع أعرابيا يقول إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب وحكى سيبويه أيضا عن الخليل أنه قال لو أن قائلا قال إياك نفسك لم أعنفه لأن هذه الكلمة مجرورة وحكى ابن كيسان قال قال بعض النحويين إياك بكمالها اسم قال وقال بعضهم الياء والكاف والهاء هي أسماء وإيا عماد لها لأنها لا تقوم بأنفسها قال وقال بعضهم إيا ايم مبهم يكنى به عن المنصوب وجعلت الكاف والهاء والياء بيانا عن المقصود ليعلم المخاطب من الغائب ولا موضع لها من الإعراب كالكاف في ذلك وأرأيتك وهذا هو مذهب أبي الحسن الأخفش قال أبو منصور قوله اسم مبهم يكنى به عن المنصوب يدل على أنه لا اشتاق له وقال أبو إسحق الزجاج الكاف في إياك في موضع جر بإضافة إيا إليها إلا أنه ظاهر يضاف إلى سائر المضمرات ولو قلت إيا زيد حدثت لكان قبيحا لأنه خص بالمضمر وحكى ما رواه الخليل من إياه وإيا الشواب قال ابن جني وتأملنا هذه الأقوال على اختلافها والاعتلال لكل قول منها فلم نجد فيها ما يصح مع الفحص والتنقير غير قول أبي الحسن الأخفش أما قول الخليل إن إيا اسم مضمر مضاف فظاهر الفساد وذلك أنه إذا ثبت أنه مضمر لم تجز إضافته على وجه من الوجوه لأن الغرض في الإضافة إنما هو التعريف والتخصيص والمضمر على نهاية الاختصاص فلا حاجة به إلى الإضافة وأما قول من قال إن إياك بكمالها اسم فليس بقوي وذلك أن إياك في أن فتحة الكاف تفيد الخطاب المذكر وكسرة الكاف تفيد الخطاب المؤنث بمنزلة أنت في أن الاسم هو الهمزة والنون والتاء المفتوحة تفيد الخطاب المذكر والتاء المكسورة تفيد الخطاب المؤنث فكما أن ما قبل التاء في أنت هو الاسم والتاء هو الخطاب فكذا إيا اسم والكاف بعدها حرف خطاب وأما من قال إن الكاف والهاء والياء في إياك وإياه وإياي هي الأسماء وإن إيا إنما عمدت بها هذه الأسماء لقلتها فغير مرضي أيضا وذلك أن إيا في أنها ضمير منفصل بمنزلة أنا وأنت ونحن وهو وهي في أن هذه مضمرات منفصلة فكما أن أنا وأنت ونحوهما تخالف لفظ المرفوع المتصل نحو التاء في قمت والنون والألف في قمنا والألف في قاما والواو في قاموا بل هي ألفاظ أخر غير ألفاظ الضمير المتصل وليس شيء منها معمودا له غيره وكما أن التاء في أنت وإن كانت بلفظ التاء في قمت وليست اسما مثلها بل الاسم قبلها هو أن والتاء بعده للمخاطب وليست أن عمادا للتاء فكذلك إيا هي الاسم وما بعدها يفيد الخطاب تارة والغيبة تارة أخرى والتكلم أخرى وهو حرف خطاب كما أن التاء في أنت حرف غير معمود بالهمزة والنون من قبلها بل ما قبلها هو الاسم وهي حرف خطاب فكذلك ما قبل الكاف في إياك اسم والكاف حرف خطاب فهذا هو محض القياس وأما قول أبي إسحق إن إيا اسم مظهر خص بالإضافة إلى المضمر ففاسد أيضا وليس إيا بمظهر كما زعم والدليل على أن إيا ليس باسم مظهر اقتصارهم به على ضرب واحد من الإعراب وهو النصب قال ابن سيده ولم نعلم اسما مظهرا اقتصر به على النصب البتة إلا ما اقتصر به من الأسماء على الظرفية وذلك نحو ذات مرة وبعيدات بين وذا صباح وما جرى مجراهن وشيئا من المصادر نحو سبحان الله ومعاذ الله ولبيك وليس إيا ظرفا ولا مصدرا فيلحق بهذه الأسماء فقد صح إذا بهذا الإيراد سقوط هذه الأقوال ولم يبق هنا قول يجب اعتقاده ويلزم الدخول تحته إلا قول أبي الحسن من أن إيا اسم مضمر وأن الكاف بعده ليست باسم وإنما هي للخطاب بمنزلة كاف ذلك وأرأيتك وأبصرك زيدا وليسك عمرا والنجاك قال ابن جني وسئل أبو إسحق عن معنى قوله عز وجل إياك نعبد ما تأويله فقال تأويله حقيقتك نعبد قال واشتقاقه من الآية التي هي العلامة قال ابن جني وهذا القول من أبي إسحق غير مرضي وذلك أن جميع الأسماء المضمرة مبني غير مشتق نحو أنا وهي وهو وقد قامت الدلالة على كونه اسما مضمرا فيجب أن لا يكون مشتقا وقال الليث إيا تجعل مكان اسم منصوب كقولك ضربتك فالكاف اسم المضروب فإذا أردت تقديم اسمه فقلت إياك ضربت فتكون إيا عمادا للكاف لأنها لا تفرد من الفعل ولا تكون إيا في موضع الرفع ولا الجر مع كاف ولا ياء ولا هاء ولكن يقول المحذر إياك وزيدا ومنهم من يجعل التحذير وغير التحذير
مكسورا ومنهم من ينصب في التحذير ويكسر ما سوى ذلك للتفرقة قال أبو إسحق موضع إياك في قوله إياك نعبد نصب بوقوع الفعل عليه وموضع الكاف في إياك خفض بإضافة إيا إليها قال وإيا اسم للمضمر المنصوب إلا أنه ظاهر يضاف إلى سائر المضمرات نحو قولك إياك ضربت وإياه ضربت وإياي حدثت والذي رواه الخليل عن العرب إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب قال ومن قال إن إياك بكماله الاسم قيل له لم نر اسما للمضمر ولا للمظهر إنما يتغير آخره ويبقى ما قبل آخره على لفظ واحد قال والدليل على إضافته قول العرب فإياه وإيا الشواب يا هذا وإجراؤهم الهاء في إياه مجراها في عصاه قال الفراء والعرب تقول هياك وزيدا إذا نهوك قال ولا يقولون هياك ضربت وقال المبرد إياه لا تستعمل في المضمر المتصل إنما تستعمل في المنفصل كقولك ضربتك لا يجوز أن يقال ضربت إياك وكذلك ضربتهم قوله وكذلك ضربتهم إلى قوله قال وأما إلخ كذا بالأصل لا يجوز أن تقول ضربت إياك وزيدا أي وضربتك قال وأما التحذير إذا قال الرجل للرجل إياك وركوب الفاحشة ففيه إضمار الفعل كأنه يقول إياك أحذر ركوب الفاحشة وقال ابن كيسان إذا قلت إياك وزيدا فأنت محذر من تخاطبه من زيد والفعل الناصب لهما لا يظهر والمعنى أحذرك زيدا كأنه قال أحذر إياك وزيدا فإياك محذر كأنه قال باعد نفسك عن زيد وباعد زيدا عنك فقد صار الفعل عاملا في المحذر والمحذر منه قال وهذه المسألة تبين لك هذا المعنى تقول نفسك وزيدا ورأسك والسيف أي اتق رأسك أن يصيبه السيف واتق السيف أن يصيب رأسك فرأسه متق لئلا يصيبه السيف والسيف متقى ولذلك جمعهما الفعل وقال فإياك إياك المراء فإنه إلى الشر دعاء وللشر جالب يريد إياك والمراء فحذف الواو لأنه بتأويل إياك وأن تماري فاستحسن حذفها مع المراء وفي حديث عطاء كان معاوية رضي الله عنه إذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة كانت إياها اسم كان ضمير السجدة وإياها الخبر أي كانت هي هي أي كان يرفع منها وينهض قائما إلى الركعة الأخرى من غير أن يقعد قعدة الاستراحة وفي حديث عمر بن عبد العزيز إياي وكذا أي نح عني كذا ونحني عنه قال إيا اسم مبني وهو ضمير المنصوب والضمائر التي تضاف إليها من الهاء والكاف والياء لا مواضع لها من الإعراب في القول القوي قال وقد تكون إيا بمعنى التحذير وأيايا زجر وقال ذو الرمة إذا قال حاديهم أيايا اتقيته بمثل الذرا مطلنفئات العرائك قال ابن بري والمشهور في البيت إذا قال حادينا أيا عجست بنا خفاف الخطى مطلنفئات العرائك وإياة الشمس بكسر الهمزة ضوءها وقد تفتح وقال طرفة سقته إياة الشمس إلا لثاته أسف ولم تكدم عليه بإثمد فإن أسقطت الهاء مددت وفتحت وأنشد ابن بري لمعن بن أوس رفعن رقما على أيلية جدد لاقى أياها أياء الشمس فأتلقا ويقال الأياة للشمس كالهالة للقمر وهي الدارة حولها
|
|